فصل: أبو الحسن علي بن سليم بن ربيع بن سليمان الأزرعي الشافعي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البداية والنهاية **


 ثم دخلت سنة تسع وعشرين وسبعمائة

استهلت والخليفة والحاكم هم المباشرون في التي قبلها، غير أن قطب الدين ابن شيخ السلامية اشتغل بنظر الجيش‏.‏

وفي المحرم طلب القاضي محيي الدين بن فضل الله كاتب سر دمشق وولده شهاب الدين، وشرف الدين بن شمس الدين بن الشهاب محمود إلى مصر على البريد، فباشر القاضي الصدر الكبير محيي الدين المذكور كتابة السر بها عوضاً عن علاء الدين بن الأثير لمرض اعتراه، وأقام عنده ولده شهاب الدين، وأقبل شرف الدين الشهاب محمود إلى دمشق على كتابة السر عوضاً عن ابن فضل الله‏.‏

وفيه‏:‏ ذهب ناصر الدين مشد الأوقاف ناظراً على القدس والخليل، فعمر هنالك عمارات كثيرة لملك الأمراء تنكز، وفتح في الأقصى شباكين عن يمين المحراب وشماله وجاء الأمير نجم الدين داود بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن يوسف بن الزيبق من شد الدواوين بحمص إلى شدها بدمشق‏.‏

وفي الحادي والعشرين من صفر كمل ترخيم الحائط القبلي من جامع دمشق وبسط الجامع جميعه، وصلى الناس الجمعة به من الغد، وفتح باب الزيادة، وكان له أياماً مغلقاً وذلك في مباشرة تقي الدين بن مراجل‏.‏

وفي ربيع الآخر قدم من مصر أولاد الأمير شمس الدين قراسنقر إلى دمشق فسكنوا في دار أبيهم داخل باب الفراديس، في دهليز المقدمية، وأعيدت عليهم أملاكهم المخلفة عن أبيهم، وكانت تحت الحوطة، فلما مات في تلك البلاد أفرج عنها أو أكثرها‏.‏

وفي يوم الجمعة آخر شهر ربيع الآخر أنزل الأمير جوبان وولده من قلعة المدينة النبوية وهما ميتان مصبران في توابيتهما، فصلّي عليهما بالمسجد النبوي، ثم دفنا بالبقيع عن مرسوم السلطان، وكان مراد جوبان أن يدفن في مدرسته فلم يمكن من ذلك‏.‏

وفي هذا اليوم صلّي بالمدينة النبوية على الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله، وعلى القاضي نجم الدين البالسي المصري صلاة الغائب‏.‏

وفي يوم الاثنين منتصف جمادى الآخرة درّس القاضي شهاب الدين أحمد بن جهبل بالمدرسة البادرائية عوضاً عن شيخنا برهان الدين الفزاري توفي إلى رحمة الله تعالى، وأخذ مشيخة دار الحديث منه الحافظ شمس الدين الذهبي، وحضرها في يوم الأربعاء سابع عشرة، ونزل عن خطابة بطنا للشيخ جمال الدين الملاتي المالكي، فخطب بها يوم الجمعة تاسع عشره‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/165‏)‏

وفي أواخر هذا الشهر قدم نائب حلب الأمير سيف الدين أرغون إلى دمشق قاصداً باب السلطان، فتلقاه نائب دمشق وأنزله بداره التي عند جامعه، ثم سار نحو مصر فغاب نحواً من أربعين يوماً، ثم عاد راجعاً إلى نيابة حلب‏.‏

وفي عاشر رجب طلب الصاحب تقي الدين بن عمر بن الوزير شمس الدين بن السلعوس إلى مصر فولي نظر الدواوين بها حتى مات عن قريب‏.‏

وخرج الركب يوم السبت تاسع شوال وأميره سيف الدين بلطي، وقاضيه شهاب الدين القيمري وفي الحجاج زوجة ملك الأمراء تنكز، وفي خدمتها الطواشي شبل الدولة وصدر الدين المالكي، وصلاح الدين ابن أخي الصاحب تقي الدين توبة، وأخوه شرف الدين، والشيخ علي المغربي، والشيخ عبد الله الضرير وجماعة‏.‏

وفي بكرة الأربعاء ثالث شوال جلس القاضي ضياء الدين علي بن سليم بن ربيعة للحكم بالعادلية الكبيرة نيابة عن قاضي القضاة القونوي، وعوضاً عن الفخر المصري بحكم نزوله عن ذلك وإعراضه عنه تاسع عشر رمضان من هذه السنة‏.‏

وفي يوم الجمعة سادس ذي القعدة بعد أذان الجمعة صعد إلى منبر جامع الحاكم بمصر شخص من مماليك الجاولي يقال له أرصى، فادعى أنه المهدي وسجع سجعات يسيرة على رأي الكهان، فأنزل في شرخيبة، وذلك قبل حضور الخطيب بالجامع المذكور‏.‏

وفي ذي القعدة وما قبله وما بعده من أواخر هذه السنة وأوائل الأخرى وسعت الطرقات والأسواق داخل دمشق وخارجها، مثل سوق السلاح والرصيف والسوق الكبير وباب البريد ومسجد القصب إلى الزنجبيلية، وخارج باب الجباية إلى مسجد الدبان، وغير ذلك من الأماكن التي كانت تضيق عن سلوك الناس، وذلك بأمر تنكز، وأمر بإصلاح القنوات، واستراح الناس من ترتيش الماء عليهم بالنجاسات‏.‏

ثم في العشر الأخير من ذي الحجة رسم بقتل الكلاب فقتل منهم شيء كثير جداً، ثم جمعوا خارج باب الصغير مما يلي باب كيسان في الخندق، وفرق بين الذكور منهم والإناث ليموتوا سريعاً، ولا يتوالدوا، وكانت الجيف والميتات تنقل إليهم فاستراح الناس من النجاسة من الماء والكلاب، وتوسعت لهم الطرقات‏.‏

وفي يوم الجمعة ثاني عشر ذي الحجة حضر مشيخة الشيوخ بالسمساطية قاضي القضاة شرف الدين المالكي بعد وفاة قاضي القضاة القونوي الشافعي، وقرئ تقليده بالسبحة بها وحضره الأعيان وأعيد إلى ما كان عليه‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/166‏)‏

 من الأعيان‏:‏

الإمام العالم نجم الدين

 نجم الدين أبو عبد الله محمد بن عقيل بن أبي الحسن بن عقيل البالسي الشافعي، شارح ‏(‏التنبيه‏)‏، ولد سنة ستين وستمائة، وسمع الحديث واشتغل بالفقه وغيره من فنون العلم، فبرع فيها ولازم ابن دقيق العيد وناب عنه في الحكم، ودرس بالمغربية والطيبرسية وجامع مصر، وكان مشهوراً بالفضيلة والديانة وملازمة الاشتغال‏.‏

توفي ليلة الخميس رابع عشر المحرم ودفن بالقرافة، وكانت جنازته حافلة، رحمه الله‏.‏

الأمير سيف الدين قطلوبك التشنكير الرومي

كان من أكابر الأمراء وولي الحجوبية في وقت، وهو الذي عمر القناة بالقدس، توفي يوم الاثنين سابع ربيع الأول ودفن بتربته شمال باب الفراديس، وهي مشهورة حسنة، وحضر جنازته بسوق الخيل النائب والأمراء‏.‏

محدث اليمن

 شرف الدين أحمد بن فقيه زبيد أبي الحسين بن منصور الشماخي المذحجي، روى عن المكيين وغيرهم، وبلغت شيوخه خمسمائة أو أزيد، وكان رحلة تلك البلاد ومفيدها الخير، وكان فاضلاً في صناعة الحديث والفقه وغير ذلك، توفي في ربيع الأول من هذه السنة‏.‏

 نجم الدين أبو الحسن

علي بن محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الواحد أبو محمد بن المسلم أحد رؤساء دمشق المشهورين، له بيت كبير ونسب عريق، ورياسة باذخة وكرم زائد، باشر نظر الأيتام مدة، وسمع الكثير وحدّث، وكانت لديه فضائل وفوائد، وله الثروة الكثيرة، ولد سنة تسع وأربعين وستمائة، ومات يوم الاثنين ضحوة خامس ربيع الآخر، وصلّي عليه بعد الظهر بالأموي، ودفن بسفح قاسيون بتربة أعدها لنفسه، وقبران عنده، وكتب على قبره‏:‏ ‏{‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏}‏ الآية ‏[‏الزمر‏:‏ 53‏]‏، وسمعنا عليه ‏(‏الموطأ‏)‏ وغيره‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/167‏)‏

 الأمير بكتمر الحاجب

صاحب الحمام المشهور خارج باب النصر في طريق مقابر الصوفية من ناحية الميدان، كانت وفاته بالقاهرة في عشرين ربيع الآخر، ودفن بمدرسته التي أنشأها إلى جانب داره هناك‏.‏

الشيخ شرف الدين عيسى بن محمد بن قراجا بن سليمان

السهروردي الصوفي الواعظ، له شعر ومعرفة بالألحان والأنغام، ومن شعره قوله‏:‏

بشراك يا سعد هذا الحي قد بانا * فحلها سيبطل الإبل والبانا

منازل ما وردنا طيب منزلها * حتى شربنا كؤوس الموت أحيانا

متنا غراماً وشوقاً في المسير لها * فمنذوا في نسيم القرب أحيانا

توفي في ربيع الآخر‏.‏

 شيخنا العلامة برهان الدين الفزاري

هو الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ المذهب وعلمه ومفيد أهله، شيخ الإسلام مفتي الفرق بقية السلف برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم ابن الشيخ العلامة تاج الدين أبي محمد عبد الرحمن ابن الشيخ الإمام المقري المفتي برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري المصري الشافعي‏.‏

ولد في ربيع الأول سنة ستين وستمائة، وسمع الحديث واشتغل على أبيه وأعاد في حلقته وبرع وساد أقرانه، وسائر أهل زمانه من أهل مذهبه في دراية المذهب ونقله وتحريره، ثم كان في منصب أبيه في التدريس بالبادرائية، وأشغل الطلبة بالجامع الأموي فانتفع به المسلمون‏.‏

وقد عرضت عليه المناصب الكبار فأباها، فمن ذلك أنه باشر الخطابة بعد عمه العلامة شرف الدين مدة ثم تركها وعاد إلى البادرائية، وعرض عليه قضاء قضاة الشام بعد ابن صصرى وألح نائب الشام عليه بنفسه وأعوانه من الدولة فلم يقبل، وصمم وامتنع أشد الامتناع، وكان مقبلاً على شأنه عارفاً بزمانه مستغرقاً أوقاته في الاشتغال والعبادة ليلاً ونهاراً، كثير المطالعة وإسماع الحديث، وقد سمعنا عليه صحيح مسلم وغيره‏.‏

وكان يدرس بالمدرسة المذكورة، وله تعليق كثير على ‏(‏التنبيه‏)‏، فيه من الفوائد ما ليس يوجد في غيره، وله تعليق على مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه، وله مصنفات في غير ذلك كبار‏.‏

وبالجملة فلم أر شافعياً من مشايخنا مثله، وكان حسن الشكل عليه البهاء والجلالة والوقار، حسن الأخلاق، فيه حدث ثم يعود قريباً، وكرمه زائد وإحسانه إلى الطلبة كثير، وكان لا يقتني شيئاً ويصرف مرتبه وجامكية مدرسته في مصالحه‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/168‏)‏

وقد درّس بالبادرائية من سنة سبعين وستمائة إلى عامه هذا، توفي بكرة يوم الجمعة سابع جمادى الأولى بالمدرسة المذكورة، وصلّي عليه عقب الجمعة بالجامع وحملت جنازته على الرؤوس وأطراف الأنامل، وكانت حافلة، ودفن عند أبيه وعمه وذويه بباب الصغير رحمه الله تعالى‏.‏

الشيخ الإمام العالم الزاهد الورع

 مجد الدين إسماعيل الحراني الحنبلي، ولد سنة ثمان وأربعين وستمائة، وقرأ القراءات وسمع الحديث في دمشق حين انتقل مع أهله إليها سنة إحدى وسبعين، واشتغل على الشيخ شمس الدين بن أبي عمر، ولازمه وانتفع به، وبرع في الفقه وصحة النقل وكثرة الصمت عما لا يعنيه، ولم يزل مواظباً على جهاته ووظائفه لا ينقطع عنها إلا من عذر شرعي، إلى أن توفي ليلة الأحد تاسع جمادى الأولى ودفن بباب الصغير رحمه الله تعالى‏.‏

وفي هذا الحين توفي‏:‏

 الصاحب شرف الدين يعقوب بن عبد الله

الذي كان ناظر الدواوين بحلب، ثم انتقل إلى نظرها بطرابلس‏.‏

توفي بحماه، وكان محباً للعلماء وأهل الخير، وفيه كرم وإحسان، وهو والد القاضي ناصر الدين كاتب السر بدمشق، وقاضي العساكر الحلبية ومشيخة الشيوخ بالسمساطية، ومدرس الأسدية بحلب، والناصرية والشامية الجوانية بدمشق‏.‏

 القاضي معين الدين

هبة الله بن علم الدين مسعود بن أبي المعالي عبد الله بن أبي الفضل بن الخشيشي الكاتب وناظر الجيش بمصر في بعض الأحيان، ثم بدمشق مدة طويلة مستقلاً ومشاركاً لقطب الدين ابن شيخ السلامية، وكان خبيراً بذلك يحفظه على ذهنه، وكانت له يد جيدة في العربية والأدب والحساب وله نظم جيد، وفيه تودد وتواضع‏.‏

توفي بمصر في نصف جمادى الآخرة ودفن بتربة الفخر كاتب المماليك‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/169‏)‏

 قاضي القضاة علاء الدين القونوي

علاء الدين القونوي، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن يوسف القونوي التبريزي الشافعي، ولد بمدينة قونية في سنة ثمان وستين وستمائة تقريباً واشتغل هناك، وقد دمشق سنة ثلاث وتسعين، وهو معدود من الفضلاء فازداد بها اشتغالاً، وسمع الحديث وتصدر للاشتغال بجامعها ودرّس بالإقبالية، ثم سافر إلى مصر فدرّس بها في عدة مدارس كبار، وولي مشيخة الشيوخ بها وبدمشق، ولم يزل يشتغل بها وينفع الطلبة إلى أن قدم دمشق قاضياً عليها في سنة سبع وعشرين، وله تصانيف في الفقه وغيره، وكان يحرز علوماً كثيرة منها النحو والتصريف والأصلان والفقه، وله معرفة جيدة ‏(‏بكشاف‏)‏ الزمخشري، وفهم الحديث، وفيه إنصاف كثير وأوصاف حسنة، وتعظيم لأهل العلم، وخرجت له مشيخة سمعناها عليه، وكان يتواضع لشيخنا المزي كثيراً، توفي ببستانه بالسهم يوم سبت بعد العصر رابع عشر ذي القعدة، وصلّي عليه من الغد، ودفن بسفح قاسيون سامحه الله‏.‏

 الأمير حسام الدين لاجين المنصور الحسامي

ويعرف بلاجين الصغير، ولي البر بدمشق مدة، ثم نيابة غزة ثم نيابة البيرة، وبها مات في ذي القعدة، ودفن هناك، وكان ابتني تربة لزوجته ظاهر باب شرقي فلم يتفق دفنه بها ‏{‏وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ‏}‏ ‏[‏لقمان‏:‏ 34‏]‏‏.‏

 الصاحب عز الدين أبو يعلى

حمزة بن مؤيد الدين أبي المعالي أسعد بن عز الدين أبي غالب المظفر ابن الوزير مؤيد الدين أبي المعالي بن أسعد بن العميد أبي يعلى بن حمزة بن أسد بن علي بن محمد التميمي الدمشقي بن القلانسي، أحد رؤساء دمشق الكبار، ولد سنة تسع وأربعين وستمائة، وسمع الحديث من جماعة، ورواه وسمعنا عليه‏.‏

وله رياسة باذخة وأصالة كثيرة وأملاك هائلة كافية لما يحتاج إليه من أمور الدنيا ولم يزل معه صناعة للوظائف إلى أن ألزم بوكالة بيت السلطان، ثم بالوزارة في سنة عشرة كما تقدم، ثم عزل، وقد صودر في بعض الأحيان، وكانت له مكارم على الخواص والكبار، وله إحسان إلى الفقراء والمحتاجين‏.‏

ولم يزل معظماً وجيهاً عند الدولة من النواب والملوك والأمراء وغيرهم إلى أن توفي ببستانه ليلة السبت سادس الحجة، وصلّي عليه من الغد، ودفن بتربته بسفح قاسيون، وله في الصالحية رباط حسن بمئذنة، وفيه دار حديث وبر وصدقة رحمه الله‏.‏

 ثم دخلت سنة ثلاثون وسبعمائة

استهلت بالأربعاء والحكام بالبلاد هم المذكورون بالتي قبلها سوى الشافعي فإنه توفي وولي مكانه في رابع المحرم منها علم الدين محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران السبكي الاخنائي الشافعي‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/170‏)‏

وقدم دمشق في الرابع والعشرين منه صحبة نائب السلطنة تنكز، وقد زار القدس وحضر معه تدريس التنكزية التي أنشأها بها‏.‏

ولما قدم دمشق نزل بالعادلية الكبيرة على العادة، ودرّس بها وبالغزالية، واستمر بنيابة المنفلوطي، ثم استناب زين الدين بن المرحل، وفي صفر باشر شرف الدين محمود بن الخطيري شد الأوقاف وانفصل عنها نجم الدين بن الزيبق إلى ولاية نابلس‏.‏

وفي ربيع الآخر شرع بترخيم الجانب الشرقي من الأموي نسبة الجانب الغربي، وشاور ابن مراجل النائب والقاضي على جمع الفصوص من سائر الجامع في الحائط القبلي، فرسما له بذلك‏.‏

وفي يوم الجمعة أقيمت الجمعة في إيوان الشافعية بالمدرسة الصالحية بمصر، وكان الذي أنشأ ذلك الأمير جمال الدين نائب الكرك، بعد أن استفتى العلماء في ذلك‏.‏

وفي ربيع الآخر تولى القضاء بحلب شمس الدين بن النقيب عوضاً عن فخر الدين بن البازري، توفي، وولي شمس الدين بن مجد البعلبكي قضاء طرابلس عوضاً عن ابن النقيب‏.‏

وفي آخر جمادى الأولى باشر نيابة الحكم عن الاخنائي محيي الدين بن جميل عوضاً عن المنفلوطي توفي‏.‏

وفي هذا الشهر وقف الأمير الوزير علاء الدين مغلطاي الناصري مدرسة على الحنفية وفيها صوفية أيضاً، ودرّس بها القاضي علاء الدين بن التركماني، وسكنها الفقهاء‏.‏

وفي جمادى الآخرة زينت البلاد المصرية والشامية ودقت البشائر بسبب عافية السلطان من وقعة انصدعت منها يده، وخلع على الأمراء والأطباء بمصر، وأطلقت الحبوس‏.‏

وفي جمادى الآخرة قدم على السلطان رسل من الفرنج يطلبون منه بعض البلاد الساحلية فقال لهم‏:‏ لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكم، ثم سيرهم إلى بلادهم خاسئين‏.‏

وفي يوم الأحد سادس رجب حضر الدرس الذي أنشأه القاضي فخر الدين كاتب المماليك على الحنفية بمحرابهم بجامع دمشق، ودرّس به الشيخ شهاب الدين ابن قاضي الحصين، أخو قاضي القضاة برهان الدين بن عبد الحق بالديار المصرية‏.‏

وحضر عنده القضاة والأعيان، وانصرفوا من عنده إلى عند ابن أخيه صلاح الدين بالجوهرية، درّس بها عوضاً عن حموه شمس الدين بن الزكي نزل له عنها‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/171‏)‏

وفي آخر رجب خطب بالجامع الذي أنشأه الأمير سيف الدين ألماس الحاجب ظاهر القاهرة بالشارع، وخطب بالجامع الذي أنشأه قوصون بين جامع طولون والصالحية، يوم الجمعة حادي عشر رمضان وحضر السلطان وأعيان الأمراء الخطبة، خطب به يومئذ قاضي القضاة جلال الدين القزويني الشافعي، وخلع عليه خلعة سنية، واستقل في خطابته بدر الدين بن شكري‏.‏

وخرج الركب الشامي يوم السبت حادي عشر شوال وأميره سيف الدين المرساوي صهر بلبان البيري، وقاضيه شهاب الدين ابن المجد عبد الله مدرّس الإقبالية، ثم تولى قضاء القضاة كما سيأتي‏.‏

وممن حج في هذه السنة‏:‏ رضي الدين بن المنطيقي، والشمس الأردبيلي شيخ الجاروخية، وصفي الدين بن الحريري، وشمس الدين ابن خطيب بيروذ، والشيخ محمد النيرباني وغيرهم، فلما قضوا مناسكهم رجعوا إلى مكة لطواف الوداع، فبينما هم في سماع الخطبة إذ سمعوا جلبة الخيل من بني حسن وعبيدهم، قد حطموا على الناس في المسجد الحرام، فثار إلى قتالهم الأتراك فاقتتلوا فقتل أمير من الطبلخانات بمصر‏.‏

يقال له سيف الدين جخدار وابنه خليل، ومملوك له، وأمير عشيرة يقال له الباجي، وجماعة من الرجال والنساء ونهبت أموال كثيرة، ووقعت خبطة عظيمة في المسجد، وتهارب الناس إلى منازلهم بأبيار الزاهر، وما كادوا يصلون إليها وما أكملت الجمعة إلا بعد جهد، فإنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏

واجتمعت الأمراء كلهم على الرجعة إلى مكة للأخذ بالثأر منهم، ثم كروا راجعين وتبعهم العبيد حتى وصلوا إلى مخيم الحجيج، وكادوا ينهبون الناس عامة جهرة، وصار أهل البيت في آخر الزمان يصدون الناس عن المسجد الحرام، وبنو الأتراك هم الذين ينصرون الإسلام وأهله ويكفون الأذية عنهم بأنفسهم وأموالهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 34‏]‏‏.‏

 من الأعيان‏:‏

 علاء الدين بن الأثير

كاتب السر بمصر، علي بن أحمد بن سعيد بن محمد بن الأثير الحلبي الأصل، ثم المصري، كانت له حرمة ووجاهة وأموال وثروة ومكانة عند السلطان، حتى ضربه الفالج في آخر عمره فانعزل عن الوظيفة وباشرها ابن فضل الله في حياته‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/172‏)‏

 الوزير العالم أبو القاسم

محمد بن محمد بن سهل بن محمد بن سهل الأزدي الغرناطي الأندلسي، من بيت الرياسة والحشمة ببلاد المغرب، قدم علينا إلى دمشق في جمادى الأولى سنة أربع وعشرين، وهو بعزم الحج، سمعت بقراءته ‏(‏صحيح مسلم‏)‏ في تسعة مجالس على الشيخ نجم الدين بن العسقلاني، قراءة صحيحة‏.‏

ثم كانت وفاته في القاهرة في ثاني عشرين المحرم، وكانت له فضائل كثيرة في الفقه والنحو والتاريخ والأصول، وكان عالي الهمة شريف النفس محترماً ببلاده جداً، بحيث إنه يولي الملوك ويعزلهم، ولم يلِ هو مباشرة شيء ولا أهل بيته، وإنما كان يلقب بالوزير مجازاً‏.‏

شيخنا الصالح العابد الناسك الخاشع

 شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ الصالح العابد شرف الدين أبي الحسن بن حسين بن غيلان البعلبكي الحنبلي، إمام مسجد السلالين بدار البطيخ العتيقة، سمع الحديث وأسمعه، وكان يقرئ القرآن طرفي النهار، وعليه ختمت القرآن في سنة أحد عشر وسبعمائة‏.‏

وكان من الصالحين الكبار، والعباد الأخيار، توفي يوم السبت سادس صفر وصلّي عليه بالجامع ودفن بباب الصغير، وكانت جنازته حافلة‏.‏

وفي هذا الشهر - أعني صفر- كانت وفاة والي القاهرة القديدار وله آثار غريبة ومشهورة‏.‏

بهادرآص الأمير الكبير

رأس ميمنة الشام، سيف الدين بهادرآص المنصوري أكبر أمراء دمشق، وممن طال عمره في الحشمة والثروة، وهو ممن اجتمعت فيه الآية الكريمة ‏{‏زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ‏}‏ الآية ‏[‏آل عمران‏:‏ 14‏]‏‏.‏

وقد كان محبباً إلى العامة، وله بر وصدقة وإحسان، توفي ليلة الثلاثاء ودفن بتربته خارج باب الجابية، وهي مشهورة أيضاً‏.‏

 الحجار ابن الشحنة

الشيخ الكبير المسند المعمر الرحلة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي طالب بن نعمة بن حسن بن علي بن بيان الديرمقرني، ثم الصالحي الحجار المعروف بابن الشحنة، سمع البخاري علي الزبيدي سنة ثلاثين وستمائة بقاسيون، وإنما ظهر سماعه سنة ست وسبعمائة ففرح بذلك المحدثون وأكثروا السماع عليه، فقرئ البخاري عليه نحواً من ستين مرة وغيره‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/173‏)‏

وسمعنا عليه بدار الحديث الأشرفية في أيام الشتويات نحواً من خمسمائة جزء بالإجازات والسماع، وسماعه من الزبيدي وابن التي، وله إجازة من بغداد فيها مائة وثمانية وثلاثون شيخاً من العوالي المسندين، وقد مكث مدة مقدم الحجارين نحواً من خمس وعشرين سنة، ثم كان يخيط في آخر عمره، واستقرت عليه جامكيته لما اشتغل بإسماع الحديث‏.‏

وقد سمع عليه السلطان الملك الناصر، وخلع عليه وألبسه الخلعة بيده، وسمع عليه من أهل الديار المصرية والشامية أمم لا يحصون كثرة، وانتفع الناس بذلك، وكان شيخاً حسناً بهي المنظر سليم الصدر ممتعاً بحواسه وقواه، فإنه عاش مائة سنة محققاً، وزاد عليها، لأنه سمع البخاري من الزبيدي في سنة ثلاثين وستمائة وأسمعه هو في سنة ثلاثين وسبعمائة في تاسع صفر بجامع دمشق، وسمعنا عليه يومئذ ولله الحمد‏.‏

ويقال إنه أدرك موت المعظم عيسى بن العادل لما توفي، والناس يسمعهم يقولون مات المعظم، وقد كانت وفاة المعظم في سنة أربع وعشرين وستمائة، وتوفي الحجار يوم الاثنين خامس عشرين صفر من هذه السنة، وصلّي عليه بالمظفري يوم الثلاثاء ودفن بتربة له عند زاوية الدومي، بجوار جامع الأفرم‏.‏

وكانت جنازته حافلة رحمه الله‏.‏

 الشيخ نجم الدين بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن

أبي نصر المحصل المعروف بابن الشحام، اشتغل ببلده ثم سافر وأقام بمدينة سراي من مملكة إربل، ثم قدم دمشق في سنة أربع وعشرين فدرّس بالظاهرية البرانية ثم بالجاروخية، وأضيف إليه مشيخة رباط القصر، ثم نزل عن ذلك لزوج ابنته نور الدين الأردبيلي، توفي في ربيع الأول وكان يعرف طرفاً من الفقه والطب‏.‏

 الشيخ إبراهيم الهدمة

أصله كردي من بلاد المشرق، فقدم الشام، وأقام بين القدس والخليل، في أرض كانت مواتاً فأحياها وغرسها وزرع فيها أنواعاً، وكان يقصد للزيارة، ويحكي الناس عنه كرامات صالحة، وقد بلغ مائة سنة، وتزوج في آخر عمره ورزق أولاداً صالحين، توفي في جمادى الآخرة رحمه الله‏.‏

الست صاحبة التربة بباب الخواصين الخوندة المعظمة المحجبة المحترمة‏:‏

 ستيته بنت الأمير سيف الدين

كركاي المنصوري، زوجة نائب الشام تنكز، توفيت بدار الذهب، وصلّي عليها بالجامع ثالث رجب، ودفنت بالتربة التي أمرت بإنشائها بباب الخواصين، وفيها مسجد وإلى جانبها رباط للنساء ومكتب للأيتام‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/174‏)‏

وفيها صدقات وبر وصلات، وقراء عليها، كل ذلك أمرت به، وكانت قد حجت في العام الماضي رحمها الله‏.‏

 قاضي قضاة طرابلس

شمس الدين محمد بن عيسى بن محمود البعلبكي المعروف بابن المجد الشافعي، اشتغل ببلده وبرع في فنون كثيرة، وأقام بدمشق مدة يدرّس بالقوصية وبالجامع، ويؤم بمدرسة أم الصالح، ثم انتقل إلى قضاء طرابلس فأقام بها أربعة أشهر، ثم توفي في سادس رمضان وتولاها بعده ولده تقي الدين وهو أحد الفضلاء المشهورين، ولم تطل مدته حتى عزل عنها وأخرج منها‏.‏

الشيخ الصالح

عبد الله بن أبي القاسم بن يوسف بن أبي القاسم الحوراني، شيخ طائفتهم وإليه مرجع زاويتهم بحوران، كان عنده تفقه بعض شيء، وزهادة ويزار، وله أصحاب يخدمونه، وبلغ السبعين سنة، وخرج لتوديع بعض أهله إلى ناحية الكرك من ناحية الحجاز فأدركه الموت هناك، فمات في أول ذي القعدة‏.‏

 الشيخ حسن بن علي

ابن أحمد الأنصاري الضرير كان بفرد عين أولاً ثم عمي جملة، وكان يقرأ القرآن ويكثر التلاوة ثم انقطع إلى المنارة الشرقية، وكان يحضر السماعات ويستمع ويتواجد، ولكثير من الناس فيه اعتقاد على ذلك، ولمجاورته في الجامع وكثرة تلاوته وصلاته والله يسامحه، توفي يوم السبت في العشر الأول من ذي الحجة بالمئذنة الشرقية، وصلّي عليه بالجامع، ودفن بباب الصغير‏.‏

 محيي الدين أبو الثناء محمود

ابن الصدر شرف الدين القلانسي، توفي في ذي الحجة ببستانه، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون وهو جد الصدر جلال الدين بن القلانسي، وأخيه علاء، وهم ثلاثتهم رؤساء‏.‏

الشاب الرئيس

 صلاح الدين يوسف بن القاضي قطب الدين موسى ابن شيخ السلامية، ناظر الجيش أبوه، نشأ هذا الشاب في نعمة وحشمة وترفه وعشرة واجتماع بالأصحاب، توفي يوم السبت تاسع عشرين ذي الحجة فاستراح من حشمته وعشرته إن لم تكن وبالاً عليه، ودفن بتربتهم تجاه الناصرية بالسفح، وتأسف عليه أبواه ومعارفه وأصحابه سامحه الله‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/175‏)‏

 ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة

استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها، وقد ذكرنا ما كان من عبيد مكة إلى الحجاج، وأنه قتل من المصريين أميران، فلما بلغ الخبر السلطان عظم عليه ذلك، وامتنع من الأكل على السماط فيما يقال أياماً، ثم جرد ستمائة فارس وقيل ألفاً، والأول أصح، وأرسل إلى الشام أن يجرد مقدماً آخر، فجرد الأمير سيف الدين الجي بغا العادلي‏.‏

وخرج من دمشق يوم دخلها الركب في سادس عشرين المحرم، وأمر أن يسير إلى إيلة ليجتمع مع المصريين، وأن يسيروا جميعاً إلى الحجاز‏.‏

وفي يوم الأربعاء تاسع صفر وصل نهر الساجور إلى مدينة حلب، وخرج نائب حلب أرغون ومعه الأمراء مشاة إليه في تهليل وتكبير وتحميد، يتلقون هذا النهر، ولم يكن أحد من المعالي ولا غيرهم أن يتكلم بغير ذكر الله تعالى‏.‏

وفرح الناس بوصوله إليهم فرحاً شديداً، وكانوا قد وسعوا في تحصيله من أماكن بعيدة احتاجوا فيها إلى نقب الجبال، وفيها صخور ضخام وعقدوا له قناطر على الأودية، وما وصل إلا بعد جهد جهيد، وأمر شديد، فلله الحمد وحده لا شريك له‏.‏

وحين رجع نائب حلب أرغون مرض مرضاً شديداً ومات رحمه الله‏.‏

وفي سابع صفر وسع تنكز الطرقات بالشام ظاهر باب الجابية، وخرب كل ما يضيق الطرقات‏.‏

وفي ثاني ربيع الأول لبس علاء الدين القلانسي خلعة سنية لمباشرة نظر الدواوين ديوان ملك الأمراء، وديوان نظر المارستان، عوضاً عن ابن العادل، ورجع ابن العادل إلى حجابة الديوان الكبير‏.‏

وفي يوم ثاني ربيع الأول لبس عماد الدين بن الشيرازي خلعة نظر الأموي عوضاً عن ابن مراجل عزل عنه لا إلى بدل عنه، وباشر جمال الدين بن القويرة نظر الأسرى بدلاً عن ابن الشيرازي‏.‏

وفي يوم الخميس آخر ربيع الأول لبس القاضي شرف الدين بن عبد الله بن شرف الدين حسن ابن الحافظ أبي موسى عبد الله ابن الحافظ عبد الغني المقدسي خلعة قضاء الحنابلة عوضاً عن عز الدين بن التقي سليمان، توفي رحمه الله، وركب من دار السعادة إلى الجامع، فقرئ تقليده تحت النسر بحضرة القضاة والأعيان، ثم ذهب إلى الجوزية، فحكم بها ثم إلى الصالحية وهو لابس الخلعة، واستناب يومئذ ابن أخيه النقي عبد الله بن شهاب الدين أحمد‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 14/176‏)‏

وفي سلخ ربيع الآخر اجتاز الأمير علاء الدين الطنبغا بدمشق وهو ذاهب إلى بلاد حلب نائباً عليها، عوضاً عن أرغون، توفي إلى رحمة الله، وقد تلقاه النائب والجيش‏.‏

وفي مستهل جمادى الأولى حضر الأمير الشريف رميثة بن أبي نمي إلى مكة، فقرئ تقليده بإمرة مكة من جهة السلطان، صحبة التجريدة، وخلع عليه وبايعه الأمراء المجردون من مصر والشام داخل الكعبة، وقد كان وصول التجاريد إلى مكة في سابع ربيع الأول، فأقاموا بباب المعلى، وحصل لهم خير كثير من الصلاة والطواف، وكانت الأسعار رخيصة معهم‏.‏

وفي يوم السبت سابع ربيع الآخر خلع على القاضي عز الدين بن بدر الدين بن جماعة بوكالة السلطان ونظر جامع طولون ونظر الناصرية، وهنأه الناس عوضاً عن التاج ابن إسحاق عبد الوهاب، توفي ودفن بالقرافة‏.‏

وفي هذا الشهر تولى عماد الدين ابن قاضي القضاة الاخنائي تدريس الصارمية وهو صغير بعد وفاة النجم هاشم بن عبد الله البعلبكي الشافعي، وحضرها في رجب وحضر عنده الناس خدمة لأبيه‏.‏

وفي حادي عشرين جمادى الآخرة رجعت التجريدة من الحجاز صحبة الأمير سيف الدين الجي بغا، وكانت غيبتهم خمسة أشهر وأياماً وأقاموا بمكة شهراً واحداً ويوماً واحداً وحصل للعرب منهم رعب شديد، وخوف أكيد، وعزلوا عن مكة عطية، وولوا أخاه رميثة وصلّوا وطافوا واعتمروا، ومنهم من أقام هناك ليحج‏.‏

وفي ثاني رجب خلع على ابن أبي الطيب بنظر ديوان بيت المال عوضاً عن ابن الصاين توفي‏.‏

وفي أوائل شعبان حصل بدمشق هواء شديد مزعج كسر كثيراً من الأشجار والأغصان، وألقى بعض الحيطان والجدران، وسكن بعد ساعة بإذن الله، فلما كان يوم تاسعه سقط برد كبار مقدار بيض الحمام، وكسر بعض جامات الحمام‏.‏

وفي شهر شعبان هذا خطب بالمدرسة المعزية على شاطئ النيل أنشأها الأمير سيف الدين طغزدمر، أمير مجلس الناصري، وكان الخطيب عز الدين عبد الرحيم بن الفرات الحنفي‏.‏

وفي نصف رمضان قدم الشيخ تاج الدين عمر بن علي بن سالم الملحي ابن الفاكهاني المالكي، نزل عند القاضي الشافعي، وسمع عليه شيئاً من مصنفاته، وخرج إلى الحج عامئذ مع الشاميين، وزار القدس قبل وصوله إلى دمشق‏.‏

وفي هذا الشهر وطأ سوق الخيل وركبت في حصبات كثيرة، وعمل فيه نحو من أربعمائة نفس في أربعة أيام حتى ساووه وأصلحوه، وقد كان قبل ذلك يكون فيه مياه كثيرة، وملقات‏.‏

وفيه‏:‏ أصلح سوق الدقيق داخل باب الجابية إلى الثابتية وسقف عليه السقوف‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/177‏)‏

وخرج الركب الشامي يوم الاثنين ثامن شوال وأميره عز الدين أيبك، أمير علم، وقاضيه شهاب الدين الظاهري‏.‏

وممن حج فيه‏:‏ شهاب الدين بن جهبل، وأبو النسر، وابن جملة، والفخر المصري، والصدر المالكي، وشرف الدين الكفوي الحنفي، والبهاء ابن إمام المشهد، وجلال الدين الأعيالي ناظر الأيتام، وشمس الدين الكردي، وفخر الدين البعلبكي، ومجد الدين ابن أبي المجد، وشمس الدين ابن قيم الجوزية، وشمس الدين ابن خطيب بيرة، وشرف الدين قاسم العلجوني، وتاج الدين ابن الفاكهاني، والشيخ عمر السلاوي، وكاتبه إسماعيل بن كثير، وآخرون من سائر المذاهب‏.‏

حتى كان الشيخ بدر الدين يقول‏:‏ اجتمع في ركبنا هذا أربعمائة فقيه وأربع مدارس وخانقاه، ودار حديث، وقد كان معنا من المتفتيين ثلاثة عشر نفساً، وكان في المصريين جماعة من الفقهاء منهم قاضي المالكية تقي الدين الأخنائي، وفخر الدين النويري، وشمس الدين بن الحارثي، ومجد الدين الأقصرائي، وشيخ الشيوخ الشيخ محمد المرشدي‏.‏

وفي ركب العراق الشيخ أحمد السروجي أشد، وكان من المشاهير‏.‏

وفي الشاميين الشيخ علي الواسطي صحبة ابن المرجاني، وأمير المصريين مغلطاي الجمالي الذي كان وزيراً في وقت، وكان إذ ذاك مريضاً، ومررنا بعين تبوك وقد أصلحت في هذه السنة، وصينت من دوس الجمال والجمالين، وصار ماؤها في غاية الحسن والصفاء والطيب، وكانت وقفة الجمعة ومطرنا بالطواف، وكانت سنة مرخصة آمنة‏.‏

وفي نصف ذي الحجة رجع تنكز من ناحية قلعة جعبر، وكان في خدمته أكثر الجيش الشامي، وأظهر أبهة عظيمة في تلك النواحي‏.‏

وفي سادس عشر ذي الحجة وصل توقيع القاضي علاء الدين بن القلانسي بجميع جهات أخيه جمال الدين بحكم وفاته مضافاً إلى جهاته، فاجتمع له من المناصب الكبار ما لم يجتمع لغيره من الرؤساء في هذه الأعصار، فمن ذلك‏:‏

وكالة بيت المال، وقضاء العسكر، وكتابة الدست، ووكالة ملك الأمراء، ونظر البمارستان، ونظر الحرمين، ونظر ديوان السعيد، وتدريس الأمينية والظاهرية والعصرونية وغير ذلك انتهى‏.‏

 من الأعيان‏:‏

 قاضي القضاة عز الدين المقدسي

عز الدين أبو عبد الله بن محمد بن قاضي القضاة تقي الدين سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر المقدسي الحنبلي‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/178‏)‏

ولد سنة خمس وستين وستمائة، وسمع الحديث واشتغل على والده واستنابه في أيام ولايته، فلما ولي ابن مسلم لزم بيته يحضر درس الجوزية ودار الحديث الأشرفية بالجبل ويأوي إلى بيته‏.‏

فلما توفي ابن مسلم ولي قضاء الحنابلة بعده نحواً من أربع سنين، وكان فيه تواضع وتودد وقضاء لحوائج الناس، وكانت وفاته يوم الأربعاء تاسع صفر، وكان يوماً مطيراً، ومع هذا شهد الناس جنازته، ودفن بتربتهم رحمهم الله، وولي بعده نائبه شرف الدين ابن الحافظ، وقد قارب الثمانين‏.‏

وفي نصف صفر توفي‏:‏

 الأمير سيف الدين قجليس

سيف النعمة، وقد كان سمع على الحجار و وزيره بالقدس الشريف‏.‏

وفي منتصف صفر توفي الأمير الكبير سيف الدين أرغون بن عبد الله الدويدار الناصري، وقد عمل على نيابة مصر مدة طويلة، ثم غضب عليه السلطان فأرسله إلى نيابة حلب، فمكث بها مدة ثم توفي بها في سابع عشر ربيع الأول، ودفن بتربة اشتراها بحلب، وقد كان عنده فهم وفقه، وفيه ديانة وأتباع للشريعة‏.‏

وقد سمع البخاري على الحجار وكتبه جميعه بخطه، وأذن له بعض العلماء في الإفتاء، وكان يميل إلى الشيخ تقي الدين بن تيمية وهو بمصر، توفي ولم يكمل الخمسين سنة، وكان يكره اللهو رحمه الله‏.‏

ولما خرج يلتقي نهر الساجور خرج في ذل ومسكنة، وخرج معه الأمراء كذلك مشاة في تكبير وتهليل وتحميد، ومنع المغاني ومن اللهو واللعب في ذلك رحمه الله‏.‏

القاضي ضياء الدين

 أبو الحسن علي بن سليم بن ربيع بن سليمان الأزرعي الشافعي، تنقل في ولاية الأقضية بمدارس كثيرة مدة ستين سنة، وحكم بطرابلس وعجلون وزرع وغيرها، وحكم بدمشق نيابة عن القونوي نحواً من شهر، وكان عنده فضيلة وله نظر كثير‏.‏

نظم ‏(‏التنبيه‏)‏ في نحو ست عشرة ألف بيت، وتصحيحها في ألف وثلاثمائة بيت، وله مدائح ومواليا وأزجال وغير ذلك، ثم كانت وفاته بالرملة يوم الجمعة ثالث عشرين ربيع الأول عن خمس وثمانين سنة رحمه الله، وله عدة أولاد منهم عبد الرزاق أحد الفضلاء، وهو ممن جمع بين علمي الشريعة والطبيعة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/179‏)‏

 أبو دبوس عثمان بن سعيد المغربي

تملك في وقت بلاد قابس، ثم تغلب عليه جماعة فانتزعوها منه، فقصد مصر فأقام بها وأقطع إقطاعا، وكان يركب مع الجند في زي المغاربة متقلداً سيفاً، وكان حسن الهيئة يواظب على الخدمة إلى أن توفي في جمادى الأولى‏.‏

الإمام العلامة ضيا الدين أبو العباس

 أحمد بن قطب الدين محمد بن عبد الصمد بن عبد القادر السنباطي الشافعي، مدرّس الحسامية ونائب الحكم بمصر، وأعاد في أماكن كثيرة، وتفقه على والده، توفي في جمادى الآخرة وتولى الحسامية بعده ناصر الدين التبريزي‏.‏

 الصدر الكبير تاج الدين الكارمي

المعروف بابن الرهايلي، كان أكبر تجار دمشق الكارمية وبمصر، توفي في جمادى الآخرة، يقال إنه خلف مائة ألف دينار غير البضائع والأثاث والأملاك‏.‏

الإمام العلاّمة فخر الدين

 عثمان بن إبراهيم بن مصطفى بن سليمان بن المارداني التركماني الحنفي شرح فخر الدين هذا الجامع وألقاه دروساً في مائة كراس، توفي في رجب وله إحدى وسبعون سنة، كان شجاعاً عالماً فاضلاً، وقوراً فصيحاً حسن المفاكهة، وله نظم حسن، وولي بعده المنصورية ولده تاج الدين‏.‏

 تقي الدين عمر ابن الوزير شمس الدين

محمد بن عثمان بن السلعوس، كان صغيراً لما مات أبوه تحت العقوبة، ثم نشأ في الخدم ثم طلبه السلطان في آخر وقت فولاه نظر الدواوين بمصر‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/180‏)‏

فباشره يوماً واحداً وحضر بين يدي السلطان يوم الخميس، ثم خرج من عنده وقد اضطرب حاله فما وصل إلى منزله إلا في محفة، ومات بكرة يوم السبت سادس عشرين ذي القعدة، وصلّي عليه بجامع عمرو بن العاص، ودفن عند والده بالقرافة، وكانت جنازته حافلة‏.‏

 جمال الدين أبو العباس

أحمد بن شرف الدين بن جمال الدين محمد بن أبي الفتح نصر الله بن أسد بن حمزة بن أسد بن علي بن محمد التميمي الدمشقي بن القلانسي، قاضي العساكر ووكيل بيت المال ومدرّس الأمينية وغيرها حفظ ‏(‏التنبيه‏)‏ ثم ‏(‏المحرر‏)‏ للرافعي، وكان يستحضره، واشتغل على الشيخ تاج الدين الفزاري، وتقدم لطلب العلم والرئاسة، وباشر جهات كباراً‏.‏

ودرّس بأماكن وتفرد في وقته بالرياسة والبيت والمناصب الدينية والدنيوية، وكان فيه تواضع وحسن سمت وتودد وإحسان وبر بأهل العلم والفقراء والصالحين، وهو ممن أذن له في الإفتاء وكتب إنشاء ذلك وأنا حاضر على البديهة فأفاد وأجاد، وأحسن التعبير وعظم في عيني‏.‏

توفي يوم الاثنين ثامن عشرين ذي القعدة، ودفن بتربتهم بالسفح، وقد سمع الحديث على جماعة من المشايخ وخرج له فخر الدين البعلبكي مشيخة سمعناها عليه رحمه الله‏.‏

 ثم دخلت سنة اثنتي وثلاثين وسبعمائة

استهلت وحكام البلاد هم هم، وفي أولها فتحت القيسارية التي كانت مسبك الفولاذ جوّا باب الصغير حولها ننكز قيسارية ببركة‏.‏

وفي يوم الأربعاء ذكر الدرس بالأمينية والظاهرية علاء الدين بن القلانسي عوضاً عن أخيه جمال الدين، وذكر ابن أخيه أمين الدين محمد بن جمال الدين الدرس في العصرونية، تركها له عمه، وحضر عندهما جماعة من الأعيان‏.‏

وفي تاسع المحرم جاء إلى حمص سيل عظيم غرق بسببه خلق كثير وجم غفير، وهلك للناس أشياء كثيرة‏.‏

وممن مات فيه نحو مائتي امرأة بحمام النائب، كن مجتمعات على عروس أو عروسين فهلكن جميعاً‏.‏

وفي صفر أمر تنكز ببياض الجدران المقابلة لسوق الخيل إلى باب الفراديس، وأمر بتجديد خان الظاهر، فغرم عليه نحواً من سبعين ألفاً‏.‏

وفي هذا الشهر وصل تابوت لاجين الصغير من البيرة فدفن بتربته خارج باب شرقي‏.‏

وفي تاسع ربيع الآخر حضر الدرس بالقيمازية عماد الدين الطرسوسي الحنفي عوضاً عن الشيخ رضي الدين المنطيقي، توفي وحضر عنده القضاة والأعيان‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/181‏)‏

وفي أول ربيع الآخر خلع على الملك الأفضل محمد بن الملك المؤيد صاحب حماه وولاه السلطان الملك الناصر مكان أبيه بحكم وفاته، وركب بمصر بالعصائب والشبابة والغاشية أمامه‏.‏

وفي نصف هذا الشهر سافر الشيخ شمس الدين الأصفهاني شارح المختصر ومدرّس الرواحية إلى الديار المصرية على خيل البريد، وفارق دمشق وأهلها واستوطن القاهرة‏.‏

وفي يوم الجمعة تاسع جمادى الآخرة خطب بالجامع الذي أنشأه الأمير سيف الدين آل ملك، واستقر فيه خطيباً نور الدين علي بن شبيب الحنبلي‏.‏

وفيه‏:‏ أرسل السلطان جماعة من الأمراء إلى الصعيد فأحاطوا على ستمائة رجل ممن كان يقطع الطريق فأتلف بعضهم‏.‏

وفي جمادى الآخرة تولى شد الدواوين بدمشق نور الدين بن الخشاب عوضاً عن الطرقشي‏.‏

وفي يوم الأربعاء حادي عشر رجب خلع على قاضي القضاة علاء الدين بن الشيخ زين الدين بن المنجا بقضاء الحنابلة عوضاً عن شرف الدين بن الحافظ، وقرئ تقليده بالجامع، وحضر القضاة والأعيان‏.‏

وفي اليوم الثاني استناب برهان الدين الزرعي‏.‏

وفي رجب باشر شمس الدين موسى بن التاج إسحاق نظر الجيوش بمصر عوضاً عن فخر الدين كاتب المماليك توفي، وباشر ألنشو مكانه في نظر الخاص، وخلع عليه بطرحة، فلما كان في شعبان عزل هو وأخوه العلم ناظر الدواوين وصودروا وضربوا ضرباً عظيماً، وتولى نظر الجيش المكين بن قروينة، ونظر الدواوين أخوه شمس الدين بن قرونية‏.‏

وفي شعبان كان عرس أنوك، ويقال كان اسمه محمد بن السلطان الملك الناصر، على بنت الأمير سيف الدين بكتمر الساقي، وكان جهازها بألف ألف دينار، وذبح في هذا العرس من الأغنام والدجاج والإوز والخيل والبقر نحو من عشرين ألفاً، وحملت حلوى بنحو ثمانية عشر ألف قنطار، وحمل له من الشمع ثلاثة آلاف قنطار، قاله الشيخ أبو بكر، وكان هذا العرس ليلة الجمعة حادي عشر شعبان‏.‏

وفي شعبان هذا حوّل القاضي محي الدين بن فضل الله من كتابة السر بمصر إلى كتابة السر بالشام، ونقل شرف الدين بن شمس الدين بن الشهاب محمود إلى كتابة السر بمصر، وأقيمت الجمعة بالشامية البرانية في خامس عشر شعبان، وحضرها القضاة والأمراء، وخطب بها الشيخ زين الدين عبد النور المغربي وذلك بإشارة الأمير حسام الدين اليشمقدار الحاجب بالشام، ثم خطب عنه كمال الدين بن الزكي‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/182‏)‏

وفيه‏:‏ أمر نائب السلطنة بتبييض البيوت من سوق الخيل إلى ميدان الحصا، ففعل ذلك‏.‏

وفيه‏:‏ زادت الفرات زيادة عظيمة لم يسمع بمثلها، واستمرت نحواً من اثني عشر يوماً، فأتلفت بالرحبة أموالاً كثيرة، وكسرت الجسر الذي عند دير بسر، وغلت الأسعار هناك فشرعوا في إصلاح الجسر، ثم انكسر مرة ثانية‏.‏

وفي يوم السبت تاسع شوال خرج الركب الشامي وأميره سيف الدين أوزان، وقاضيه جمال الدين بن الشريشي، وهو قاضي حمص الآن‏.‏

وحج السلطان في هذه السنة وصحبته قاضي القضاة القزويني وعز الدين بن جماعة، وموفق الدين الحنبلي، وسبعون أميراً‏.‏

وفي ليلة الخميس حادي عشرين شوال رسم على الصاحب عز الدين غبريال بالمدرسة النجيبية الجوانية، وصودر وأخذت منه أموال كثيرة، وأفرج عنه في المحرم من السنة الآتية‏.‏

 من الأعيان‏:‏

 الشيخ عبد الرحمن بن أبي محمد بن محمد

ابن سلطان القرامذي، أحد المشاهير بالعبادة والزهادة وملازمة الجامع الأموي، وكثرة التلاوة والذكر، وله أصحاب يجلسون إليه، وله مع هذا ثروة وأملاك، توفي في مستهل المحرم عن خمس أوست وثمانين سنة، ودفن بباب الصغير، وكان قد سمع الحديث واشتغل بالعلم ثم ترك ذلك واشتغل بالعبادة إلى أن مات‏.‏

 الملك المؤيد صاحب حماه

عماد الدين إسماعيل بن الملك الأفضل نور الدين علي بن الملك المظفر تقي الدين محمود بن الملك المنصور ناصر الدين محمد بن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، كانت له فضائل كثيرة في علوم متعددة من الفقه والهيئة والطب وغير ذلك، وله مصنفات عديدة منها ‏(‏تاريخ حافل‏)‏ في مجلدين كبيرين، وله نظم ‏(‏الحاوي‏)‏ وغير ذلك، وكان يجب العلماء ويشاركهم في فنون كثيرة، وكان من فضلاء بني أيوب، ولي ملك حماه من سنة إحدى وعشرين إلى هذا الحين، وكان الملك الناصر يكرمه ويعظمه، وولي بعده ولده الأفضل علي، توفي في سحر يوم الخميس ثامن عشرين المحرم، ودفن ضحوة عند والديه بظاهر حماه‏.‏

 القاضي الإمام تاج الدين السعدي

تاج الدين أبو القاسم عبد الغفار بن محمد بن عبد الكافي بن عوض بن سنان بن عبد الله السعدي الفقيه الشافعي‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 14/183‏)‏

سمع الكثير وخرج لنفسه معجماً في ثلاث مجلدات، وقرأ بنفسه الكثير، وكتب الخط الجيد، وكان متقناً عارفاً بهذا الفن، يقال إنه كتب بخطه نحواً من خمسمائة مجلد، وقد كان شافعياً مفتياً، ومع هذا ناب في وقت عن القاضي الحنبلي، وولي مشيخة الحديث بالمدرسة الصاحبية، وتوفي بمصر في مستهل ربيع الأول عن ثنتين وثمانين سنة، رحمه الله‏.‏

 الشيخ رضي الدين بن سليمان

المنطقي الحنفي، أصله من أب كرم، من بلاد قونية، وأقام بحماه ثم بدمشق‏.‏

ودرس بالقيمازية، وكان فاضلاً في المنطق والجدل، واشتغل عليه جماعة في ذلك، وبلغ من العمر ستاً وثمانين سنة، وحج سبع مرات، توفي ليلة الجمعة سادس عشرين ربيع الأول، وصلّي عليه بعد الصلاة، ودفن بالصوفية‏.‏

وفي ربيع الأول توفي‏:‏

 الإمام علاء الدين طيبغا

ودفن بتربته بالصالحية‏.‏

وكذلك الأمير سيف الدين زولاق، ودفن بتربته أيضاً‏.‏

 قاضي القضاة شرف الدين أبو محمد

عبد الله بن الحسن بن عبد الله بن الحافظ عبد الغني المقدسي الحنبلي، ولد سنة ست وأربعين وستمائة، وباشر نيابة ابن مسلم مدة، ثم ولي القضاء في السنة الماضية، ثم كانت وفاته فجأة في مستهل جمادى الأولى ليلة الخميس ودفن من الغد بتربة الشيخ أبي عمر‏.‏

 الشيخ ياقوت الحبشي

الشاذلي الإسكندراني، بلغ الثمانين، وكان له اتباع، وأصحاب منهم شمس الدين بن اللبان الفقيه الشافعي، وكان يعظمه ويطريه وينسب إليه مبالغات الله أعلم بصحتها وكذبها، توفي في جماد وكانت جنازته حافلة جداً‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/184‏)‏

 النقيب ناصح الدين

محمد بن عبد الرحيم بن قاسم بن إسماعيل الدمشقي، نقيب المتعممين، تتلمذ أولاً للشهاب المقري، ثم كان بعده في المحافل العزاء والهناء، وكان يعرف هذا الفن جيداً، وكان كثير الطلب من الناس، ويطلبه الناس لذلك، ومع هذا مات وعليه ديون كثيرة، توفي أواخر رجب‏.‏

 القاضي فخر الدين كاتب المماليك

وهو محمد بن فضل الله ناظر الجيوش بمصر، أصله قبطي فأسلم وحسن إسلامه، وكانت له أوقاف كثيرة، وبر وإحسان إلى أهل العلم، وكان صد‏'‏اً معظماً، حصل له من السلطان حظ وافر، وقد جاوز السبعين وإليه تنسب الفخرية بالقدس الشريف، توفي في نصف رجب واحتيط على أمواله وأملاكه بعد وفاته رحمه الله‏.‏

 الأمير سيف الدين الجاي الدويدار الملكي الناصري

كان فقيهاً حنفياً فاضلاً، كتب بخطه ربعة وحصل كتباً كثيرة معتبرة، وكان كثير الإحسان إلى أهل العلم، توفي في سلخ رجب رحمه الله‏.‏

الطبيب الماهر الحاذق الفاضل

 أمين الدين سليمان بن داود بن سليمان، كان رئيس الأطباء بدمشق ومدرسهم مدة، ثم عزل بجمال الدين بن الشهاب الكحال مدة قبل موته لأمر تعصب عليه فيه نائب السلطنة، توفي يوم السبت سادس عشرين شوال ودفن بالقبيبات‏.‏

الشيخ الإمام العالم المقري شيخ القراء

 برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل الجعبري، ثم الخليلي الشافعي، صاحب المصنفات الكثيرة في القراءات وغيرها، ولد سنة أربعين وستمائة بقلعة جعبر، واشتغل ببغداد، ثم قدم دمشق وأقام ببلد الخليل نحو أربعين سنة يقرئ الناس، وشرح الشاطبية وسمع الحديث، وكانت له إجازة من يوسف بن خليل الحافظ، وصنف بالعربية والعروض والقراءات نظماً ونثراً وكان من المشايخ المشهورين بالفضائل والرياسة والخير والديانة والعفة والصيانة، توفي يوم الأحد خامس شهر رمضان، ودفن ببلد الخليل تحت الزيتونة، وله ثنتان وتسعون سنة رحمه الله‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 14/185‏)‏

قاضي القضاة علم الدين

 أبو عبد الله محمد بن القاضي شمس الدين أبي بكر بن عيسى بن بدران بن رحمة الأخنائي السعدي المصري الشافعي الحاكم بدمشق وأعمالها، كان عفيفاً نزهاً ذكياً سار العبارة محباً للفضائل، معظماً لأهلها كثير لإسماع الحديث في العادلية الكبيرة، توفي يوم الجمعة ثالث عشر ذي القعدة، ودفن بسفح قاسيون عند زوجته تجاه تربة العادل كتبغا من ناحية الجبل‏.‏

 قطب الدين موسى

ابن أحمد بن الحسين ابن شيخ السلامية ناظر الجيوش الشامية، كانت له ثروة وأموال كثيرة، وله فضائل وأفضال وكرم وإحسان إلى أهل الخير، وكان مقصداً في المهمات، توفي يوم الثلاثاء ثاني ذي الحجة وقد جاوز السبعين، ودفن بتربته تجاه الناصرية بقاسيون، وهو والد الشيخ الإمام العلاّمة عز الدين حمزة مدرّس الحنبلية‏.‏

 ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة

استهلت يوم الأربعاء والحاكم هم المذكورون في التي قبلها، وليس للشافعية قاضٍ، وقاضي الحنفية عماد الدين الطرسوسي، وقاضي المالكية شرف الدين الهمداني، وقاضي الحنابلة علاء الدين بن المنجا، وكاتب السر محيي الدين بن فضل الله، وناظر الجامع عماد الدين بن الشيرازي‏.‏

وفي ثاني المحرم قدم البشير بسلامة السلطان من الحجاز وباقتراب وصوله إلى البلاد، فدقت البشائر وزينت البلد‏.‏

وأخبر البشير بوفاة الأمير سيف الدين بكتمر الساقي وولده شهاب الدين أحمد وهما راجعان في الطريق، بعد أن حجا قريباً من مصر‏:‏ الوالد أولاً، ثم من بعده ابنه بثلاثة أيام بعيون القصب، ثم نقلا إلى تربتهما بالقرافة، ووجد لبكتمر من الأموال والجواهر واللآلي والقماش والأمتعة والحواصل شيء كثير، لا يكاد ينحصر ولا ينضبط‏.‏

وأفرج عن الصاحب شمس الدين غبريال في المحرم، وطلب في صفر إلى مصر فتوجه على خيل البريد، واحتيط على أهله بعد مسيره وأخذت منهم أموال كثيرة لبيت المال‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/186‏)‏

وفي أواخر صفر قدم الصاحب أمين الملك على نظر الدواوين بدمشق عوضاً عن غبريال، وبعده بأربعة أيام قدم القاضي فخر الدين بن الحلي على نظر الجيش بعد وفاة قطب الدين ابن شيخ السلامية‏.‏

وفي نصف ربيع الأول لبس ابن جملة خلعة القضاء للشافعية بدمشق بدار السعادة، ثم جاء إلى الجامع وهي عليه، وذهب إلى العادلية وقرىء تقليده بها بحضرة الأعيان، ودرّس بالعادلية والغزالية يوم الأربعاء ثاني عشر الشهر المذكور‏.‏

وفي يوم الاثنين رابع عشرينه حضر ابن أخيه جمال الدين محمود إعادة القيمرية نزل له عنها، ثم استنابه بعد ذلك في المجلس، وخرج إلى العادلية فحكم بها، ثم لم يستمر بعد ذلك، عزل عن النيابة بيومه، واستناب بعده جمال الدين إبراهيم بن شمس الدين محمد بن يوسف الحسباني، وله همة وعنده نزاهة وخبرة بالأحكام‏.‏

وفي ربيع الأول ولي شهاب قرطاي نيابة طرابلس وعزل عنها طينال إلى نيابة غزة وتولى نائب غزة حمص، وحصل للذي جاء بتقاليدهم مائة ألف درهم منهم، وفي ربيع الآخر أعيد القاضي محيي الدين بن فضل الله وولده إلى كتابة سر مصر، ورجع شرف الدين بن الشهاب محمود إلى كتابة سر الشام كما كان‏.‏

وفي منتصف هذا الشهر ولي نقابة الأشراف عماد الدين موسى الحسيني عوضاً عن أخيه شرف الدين عدنان توفي في الشهر الماضي ودفن بتربتهم عند مسجد الدبان‏.‏

وفيه درّس الفخر المصري بالدولعية عوضاً عن ابن جملة بحكم ولايته القضاء‏.‏

وفي خامس عشرين رجب درّس بالبادرائية القاضي علاء الدين علي بن شريف ويعرف بابن الوحيد، عوضاً عن ابن جهبل توفي في الشهر الماضي، وحضر عنده القضاة والأعيان، وكنت إذ ذاك بالقدس أنا والشيخ شمس الدين بن عبد الهادي وآخرون، وفيه رسم السلطان الملك الناصر بالمنع من رمي البندق، وأن لا تباع قسيها ولا تعمل، وذلك لإفساد رماة البندق أولاد الناس، وأن الغالب على من تعاناه اللواط والفسق وقلة الدين، ونودي بذلك في البلاد المصرية والشامية‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/187‏)‏

قال البرزالي‏:‏ وفي نصف شعبان أمر السلطان بتسليم المنجمين إلى والي القاهرة فضربوا وحبسوا لإفسادهم حال النساء، فمات منهم أربعة تحت العقوبة، ثلاثة من المسلمين ونصراني، وكتب إلي بذلك الشيخ أبو بكر الرحبي‏.‏

وفي أول رمضان وصل البريد بتولية الأمير فخر الدين بن الشمس لؤلؤ ولاية البر بدمشق بعد وفاة شهاب الدين بن المرواني، ووصل كتاب من مكة إلى دمشق في رمضان يذكر فيه أنها وقعت صواعق ببلاد الحجاز فقتلت جماعة متفرقين في أماكن شتى، وأمطار كثيرة جداً‏.‏

وجاء البريد في رابع رمضان بتولية القاضي محيي الدين بن جميل قضاء طرابلس فذهب إليها، ودرّس ابن المجد عبد الله بالرواحية عوضاً عن الأصبهاني بحكم إقامته بمصر‏.‏

وفي آخر رمضان أفرج عن الصاحب علاء الدين وأخيه شمس الدين موسى بن التاج إسحاق بعد سجنهما سنة ونصفاً‏.‏

وخرج الركب الشامي يوم الخميس عاشر شوال وأميره بدر الدين بن معبد وقاضيه علاء الدين ابن منصور مدرّس الحنفية بمدرسة تنكز، وفي الحجاج صدر الدين المالكي، وشهاب الدين الظهيري، ومحيي الدين ابن الأعقف وآخرون‏.‏

وفي يوم الأحد ثالث عشره درّس بالأتابكية ابن جملة عوضاً عن ابن جميل تولى قضاء طرابلس‏.‏

وفي يوم الأحد عشرينه حكم القاضي شمس الدين محمد بن كامل التدرمي، الذي كان في خطابه الخليل بدمشق نيابة عن ابن جملة، وفرح الناس بدينه وفضيلته‏.‏

وفي ذي القعدة مسك تنكز دواداره ناصر الدين محمد، وكان عنده بمكانة عظيمة جداً، وضربه بين يديه ضرباً مبرحاً، واستخلص منه أموالاً كثيرة‏.‏

ثم حبسه بالقلعة ثم نفاه إلى القدس، وضرب جماعة من أصحابه منهم علاء الدين بن مقلد حاجب العرب، وقطع لسانه مرتين، ومات وتغيرت الدولة وجاءت دولة أخرى مقدمها عنده حمزة الذي كان سميره وعشيره في هذه المدة الأخيرة، وانزاحت النعمة عن الدوادار ناصر الدين وذويه ومن يليه‏.‏

وفي يوم الثلاثاء ثامن عشرين ذي القعدة ركّب على الكعبة باب حديد أرسله السلطان مرصعاً من السبط الأحمر كأنه آبنوس، مركب عليه صفائح من فضة زنتها خمسة وثلاثون ألفاً وثلاثمائة وكسر، وقلع الباب العتيق، وهو من خشب الساج، وعليه صفائح تسلمها بنو شيبة، وكان زنتها ستين رطلاً فباعوها كل درهم بدرهمين، لأجل التبرك‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/188‏)‏

وهذا خطأ وهو ربا وكان ينبغي أن يبيعوها بالذهب لئلا يحصل ربا بذلك - وترك خشب الباب العتيق داخل الكعبة، وعليه اسم صاحب اليمن في الفردتين، واحدة عليها‏:‏ الله يا ولي يا علي اغفر ليوسف بن عمر بن علي‏.‏

 من الأعيان‏:‏

 الشيخ العالم تقي الدين محمود علي

ابن محمود بن مقبل الدقوقي أبو الثناء البغدادي محدث بغداد منذ خمسين سنة، يقرأ لهم الحديث وقد ولي مشيخة الحديث بالمستنصرية، وكان ضابطاً محصلاً بارعاً، وكان يعظ ويتكلم في الأعزية والأهنية‏.‏

وكان فرداً في زمانه وبلاده رحمه الله، توفي في المحرم وله قريب السبعين سنة، وشهد جنازته خلق كثير، ودفن بتربة الإمام أحمد، ولم يخلف درهماً واحداً، وله قصيدتان رثا بهما الشيخ تقي الدين بن تيمية كتب بهما إلى الشيخ الحافظ البرزالي رحمه الله تعالى‏.‏

الشيخ الإمام العالم عز القضاة

 فخر الدين أبو محمد عبد الواحد بن منصور بن محمد بن المنير المالكي الإسكندري، أحد الفضلاء المشهورين، له تفسير في ست مجلدات، وقصائد في رسول الله صلى الله عليه وسلم حسنة، وله في كان وكان، وقد سمع الكثير وروى، توفي في جماد الأولى عن ثنتين وثمانين سنة، ودفن بالإسكندرية رحمه الله‏.‏

 ابن جماعة قاضي القضاة

العالم شيخ الإسلام بدر الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ الإمام الزاهد أبي إسحاق إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن حازم بن صخر الكناني الحموي الأصل، ولد ليلة السبت رابع ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة بحماه، وسمع الحديث واشتغل بالعلم، وحصل علوماً متعددة، وتقدم وساد أقرانه‏.‏

وباشر تدريس القيمرية، ثم ولي الحكم والخطابة بالقدس الشريف، ثم نقل منه إلى قضاء مصر في الأيام الأشرفية، ثم باشر تداريس كباريها في ذلك الوقت، ثم ولي قضاء الشام وجمع له معه الخطابة مشيخة الشيوخ وتدريس العادلية وغيرها مدة طويلة، كل هذا مع الرياسة والديانة والصيانة والورع، وكف الأذى، وله التصانيف الفائقة النافعة‏.‏

وجمع له خطباً كان يخطب بها في طيب صوت فيها وفي قراءته في المحراب وغيره، ثم نقل إلى قضاء الديار المصرية بعد وفاة الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، فلم يزل حاكماً بها إلى أن أضر وكبر وضعفت أحواله‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/189‏)‏

فاستقال فأقيل وتولي مكانه القزويني، وبقيت معه بعض الجهات ورتبت له الرواتب الكثيرة الدارّة إلى أن توفي ليلة الاثنين بعد عشاء الآخرة حادي عشرين جمادى الأولى، وقد أكمل أربعاً وتسعين سنة وشهراً وأياماً، وصلّي عليه من الغد قبل الظهر بالجامع الناصري بمصر، ودفن بالقرافة، وكانت جنازته حافلة هائلة رحمه الله‏.‏

الشيخ الإمام الفاضل مفتي المسلمين

 شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محيي الدين يحيى بن تاج الدين إسماعيل بن طاهر بن نصر الله بن جهبل الحلبي الأصل ثم الدمشقي الشافعي، كان من أعيان الفقهاء، ولد سنة سبعين وستمائة واشتغل بالعلم ولزم المشايخ ولازم الشيخ الصدر بن الوكيل‏.‏

ودرس بالصلاحية بالقدس، ثم تركها وتحول إلى دمشق فباشر مشيخة دار الحديث الظاهرية مدة، ثم ولي مشيخة البادرائية فترك الظاهرية وأقام بتدريس البادرائية إلى أن مات، ولم يأخذ معلوماً من واحدة منهما، توفي يوم الخميس بعد العصر تاسع جمادى الآخرة، وصلّي عليه بعد الصلاة ودفن بالصوفية، وكانت جنازته حافلة‏.‏

 تاج الدين عبد الرحمن بن أيوب

مغسل الموتى في سنة ستين وستمائة، يقال إنه غسل ستين ألف ميت، وتوفي في رجب وقد جاوز الثمانين‏.‏

 الشيخ فخر الدين أبو محمد

عبد الله بن محمد بن عبد العظيم بن السقطي الشافعي، كان مباشراً شهادة الخزانة، وناب في الحكم عند باب النصر ودفن بالقرافة‏.‏

الإمام الفاضل مجموع الفضائل

 شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الوهاب البكري، نسبة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، كان لطيف المعاني ناسخاً مطيقاً يكتب في اليوم ثلاث كراريس، وكتب البخاري ثماني مرات ويقابله ويجلده ويبيع النسخة من ذلك بألف ونحوه، وقد جمع تاريخاً في ثلاثين مجلداً، وكان ينسخه ويبيعه أيضاً بأزيد من ألف، وذكر أن له كتاباً سماه ‏(‏منتهى الأرب في علم الأدب‏)‏ في ثلاثين مجلداً أيضاً، وبالجملة كان نادراً في وقته، توفي يوم الجمعة عشرين رمضان رحمه الله‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 14/190‏)‏

الشيخ الصالح الزاهد الناسك

 الكثير الحج علي بن الحسن بن أحمد الواسطي المشهور بالخير والصلاح، وكثرة العبادة والتلاوة والحج، يقال إنه حج أزيد من أربعين حجة، وكانت عليه مهابة ولديه فضيلة، توفي وهو محرم يوم الثلاثاء ثامن عشرين ذي القعدة، وقد قارب الثمانين رحمه الله‏.‏

 الأمير عز الدين إبراهيم بن عبد الرحمن

ابن أحمد بن القواس، كان مباشراً الشد في بعض الجهات السلطانية، وله دار حسنة بالعقبية الصغيرة، فلما جاءت الوفاة أوصى أن تجعل مدرسة، ووقف عليها أوقافاً، وجعل تدريسها للشيخ عماد الدين الكردي الشافعي، توفي يوم الأربعاء عشرين ذي الحجة‏.‏